الأحد، 24 أبريل 2011

أكتب .. لأبقي





البحر ـ الآن ـ عميق ، جدًا / أسارع بالكتابة لأنّنى أخشي أن أكون ذكرى ترابية / أسارع بالكتابة عن كل شئ ، عن أى شخص ؛ لأنّنى أصاحب الموت / الموت ليس سيئًا كما هو يشاع / سأموت فى كل لحظة ، وأصحو مرّة أخرى / لذا أسعى لتدوين ذكرياتى جيدًا / أعلم هذا لأن لدى فيضاً من الكلمات التى تخرج من كل جسمى ، فمى ، عيونى ، أذناى ، أصابعى / أبلّل حروفى وكلماتى أثناء الاستحمام ـ هكذا اعتدتُ السيطرة على الذكرى الهاربة / لكن بمجرد خروجى تجف الحروف سريعًا وتصبح أقوى و أصلب / فى صندوق شفاف يغوص بالبحر ، أعمق أعمق .. عمق مق ق ق .. /  الكتابة تُدمر الذاكرة وتصيب أغلب مستخديمها بالنسيان ـ كما أشارَ سقراط ـ فى حين أنها وسيلة للحفاظ على ما أخشي نسيانه /  حبيبى سرق بعض الحروف الساقطة مني ـ حينها لم أستطع تكملة الحدوتة / فعل الكتابة فى الحقيقة ... يؤلمنى / كنتُ أتخيل منذ فترة أنّنى سوف أفقد ذاكرتى فى يوم ما / هذه الأيام أشتاق للكتابة كل يوم ، كأنّنى أخاف أن أموت دون تسجيل بعض الكلمات العابرة ، كلمات تثبتنى كدًرا /  الآن أنا أكتب ـ أحذف ـ تختلط الحروف ـ أرتبك ـ ألعن الكلمات ـ أعاود ـ قررت فرك الحروف / أوقات كثيرة .. أاتوقف عما أفعله .. وأردّد على نفسي بعض الأسئلة الكونية .. ما اسمى .. من أكون .. أين أنا ؟ .. هل هذه عائلتى حقاً ؟ / لو جاء فرويد وسألنى الآن ... هل نمتِ جيداً وأجبت بـ لا ... إذن سيكون مصيري مع أعضاء عقدة إلكترا وليس أوديب / فرويد يُعطينى ورقة سمراء .. أكتبي .. ارسمي .. افعل ذلك .. لكن الغبى جلب لى قلم اسمر ..خرجت كما دخلت  / أمى ذكية وستتحايل على اشتياقى للموت / ستقوم بسلقي وحفظى بالفريرز / لكن للآسف .. لم تغلق باب الفريرز جيدًا .. / ستاخذنى جدتى ـ سرًا ـ وتضعنى فى البحر ... حينها سأذوب لمدة ثلاث ليالى / بعد عدّة أشهر .. خبر عن فتيات عزمن على العيش تحت البحر / لا تحزنى يا أمى عندما أموت ذوبًا .. لا تغضب مني يا أبي .. سأعود فى حياة أخرى .  

توقيع : أميرة


هناك تعليق واحد:

  1. للكتابة غايات تتجدد مع كل حرف يكتب، ولها مآرب توحي بهذيان صاحبها العارف، ولها، ولها... لكن ليس لها أن تنتحل الوجود قصرا

    ردحذف